إذا كنت أحد أطراف الصدام، ربما تكون لديك العديد من الأسباب بخلاف ما ستقرأه الآن، أما إذا لم تتواجد هناك، فمن الممكن أن تتعرف على تفاصيل أكثر التجارب الموسيقية في مصر إثارة.
تجربة "ساوند كلاش" أو صدام الموسيقى التي نُفذت الخميس الماضي في مصر، حققت نجاحا كبيرا بلا شك، وهو ما اتفق عليه الجميع "على غير المعتاد".
وضمت التجربة فريقي "كايروكي" و"وسط البلد"، اللذان دخلا في تصادم موسيقي عنيف لأكثر من ثلاث ساعات بلا توقف.
ولكن لماذا حققت تلك التجربة الجديدة هذا الكم من النجاح؟
تنظيم رائع
ربما أكثر العناصر التي ساهمت في إنجاح تلك التجربة الجديدة، التنظيم الأكثر من رائع الذي ميز الحفل، والذي ظهر على جميع جوانبه من بداية دخول الجمهور وحتى مغادرته مكان الحفل.
وأظهرت "ريد بول" قدرة تنظيمية هائلة رغم ضخامة الحدث ووجوده في مصر للمرة الأولى، كما أنها التجربة التنظيمية الأولى للشركة في مصر.
التجربة أثبتت أن وجود عددا كبيرا من الجمهور في حفلا غنائيا ليس مبررا على الإطلاق لسوء التنظيم أو وجود مشكلات في عمليتي الدخول والخروج، وهو ما يعانيه الجمهور في حفلات النجوم الكبار على مدار العام.
وأثبتت "ريد بول" أن الأمر بسيط للغاية، وأنه يحتاج للتحضير الجيد فقط، فقد تم اختيار مكانا جديدا وهو "كايرو فستيفال" بالقاهرة الجديدة، وهو اختيار جيد بالمقارنة مع أماكن أخرى تقام فيها أحيانا عروضا مشابهة.
وتجاهل المنظمين الأماكن التقليدية مثل "ساقية الصاوي" الموجودة بمنطقة الزمالك -المزدحمة في الأصل-، كما لم يختر المنظمين على سبيل المثال "ستاد الهوكي" الذي تقام داخله العديد من الحفلات مؤخرا ويعاني الجمهور فيها من سوء التنظيم والزحام.
أفكار بسيطة .. ولكن
الحفل لم يُنفذ بالشكل المعتاد، ولكنه جاء في شكل صدام موسيقي هو الأول من نوعه في مصر والمنطقة العربية بأكملها.
وأقيم التصادم عبر أربع جولات غنائية، استمرت لثلاث ساعات دون توقف، الجولة الأولى غناء كل فريق ثلاث أغنيات من أغنياته، أما الجولة الثانية فهي اختيار إحدى الأغنيات القديمة وغناء كل فريق جزءا منها على طريقته، ثم غناء كل فريق أغنية من أغنياته والتوقف بشكل مفاجئ في خلال الغناء، ليستكمل الفريق الآخر الأغنية من حيث انتهى الفريق الأول.
أما الجولة الثالثة قد اختار "دي جي" الحفل ثلاث أنواع من الموسيقى هي "إلكترونيك وريجي ومقسوم"، وعلى كل فريق أن يقدم ثلاث أغنيات من أغنياته، ولكن على تلك الإيقاعات الموسيقية السابقة، في حين كانت الجولة الرابعة هي جولة "الضيف"، وقد استضاف فريق "وسط البلد" الفنان الكبير أحمد عدوية، فيما اختار فريق "كايروكي" أن يشاركه في الحفل الفنان حكيم.
الأفكار السابقة ليست "إعجازية" أو تحتاج لسنوات طويلة من التحضير، فقط هناك من قام بالتفكير في تنفيذ شيئا جديدا وعمل على إنجاحه، ليحقق في النهاية نجاحا كبيرا بلا شك.
دعاية الحفل أيضا تمت بشكل مبتكر، لم يقتصر الأمر على مجموعة من "البانرات" يتم تثبيتها على الكباري وبالميادين، ولكن صورت "ريد بول" فيديو يجمع فريقي "كايروكي" و"وسط البد"، وركزت على إظهار التحدي الكبير بين الفريقين لجذب انتباه وحماس الجمهور.
عنصر الإبهار
الأمر كان مبهرا بلا شك، ومن الصعب أن تجد شخصا غادر الحفل دون التعليق على شيئا واحدا على الأقل كان مبهرا في رأيه.
بمجرد دخولك مسرح الحفل تشعر بإنك ربما غادرت مصر إلى جهة أخرى، الأمر بالداخل يختلف كثيرا عن الخارج.
وتم بناء مسرح داخل خيمة كبيرة، وظهر الأمر أشبه بحلبة مصارعة وليس حفلا موسيقيا، كما أن تفاصيل المسرح ذاته تدعو للإعجاب.
وقد تم بناء مسرحين منفصلين على اليمين واليسار، اعتلى كل فريق إحداها، فيما يقف الجمهور بالمساحة الخالية في المنتصف، بينما يسير مقدم الحفل عبر ممر طويل يخترق تلك مقدمة تلك المساحة.
المجد للموسيقى المستقلة
كان من الممكن أن تختار "ريد بول" نجمين كبيرين أو شابين من أجل هذا الحدث، ولكن لماذا لم تفعل الشركة ذلك؟
اختيار فريقين يقدمان موسيقى مستقلة "أندرجراوند ميوزيك" له مدلول كبير، ونجاح الحدث بهذا الشكل يعطي هو الآخر مؤشرات لمستقبل الموسيقى في مصر.
ويُعد ما حدث انتصارا للموسيقى الهادفة بشكل عام، والمستقلة منها على وجه الخصوص.
الفرق الغنائية ومن بينها "كايروكي" و"وسط البلد" عانت كثيرا ليصل صوتها للجمهور، ولا شك أنهم استفادوا من ثورة يناير في أن يتعرف الناس عليهم، وهو ليس عيبا في كل الأحوال.
ومن المؤسف أن يؤمن من هم في الخارج بالمواهب التي تخرج من أرض مصر، بل ويعتمدون عليهم في حدث كبير مثل هذا، وفي الوقت ذاته هناك الملايين لا يعرفون تلك الفرق، ولا يعترفون بهذه الموسيقى.