في لحظة معينة كل شيء يتغير
قد تكون داخل قاعة انتظار أو على خشبة مسرح أو حتى أمام لجنة فحص ولكن تلك اللحظة تكون مختلفة عن كل ما قبلها.
بالنسبة لرياض السنباطي كانت تلك اللحظة وهو يقف بعينيه الضعيفتين وعوده بين يديه أمام لجنة معهد الموسيقى العربية في القاهرة عام 1928، لم يكن يحمل شهادة ولا توصية فقط كان يحمل نغمة وكان يحمل شغفا.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
جاء ليكون طالبا ليجلس في الصفوف يتعلم ويصغي لكن حين بدأ يعزف ويغني ساد صمت كثيف، كان صوته شرقيا بالمعنى الذي يشبه طلعة الفجر، وكان عزفه صادقا كأنه من مقام الروح لا من مقام النهاوند.
نطق أحدهم بعدها بجملة لا تنسى: "هذا لا يمكن أن ندرسه هذا يجب أن يدرسنا".
وفي أقل من ساعة تغير مسار الشاب الذي جاء من المنصورة حالمًا ليصبح أستاذا للعود في أعرق معهد موسيقي في الوطن العربي.
هذه ليست حكاية عن الحظ بل عن الاستحقاق حين يتجلى في أوضح صوره.
البداية حين قاد المرض إلى العبقرية
ولد رياض محمد السنباطي في فارسكور بمحافظة دمياط وعاش معظم طفولته في مدينة المنصورة، وفي سن التاسعة أصيب بمرض في عينيه فخرج من المدرسة وبدأ يعيش داخل عالم مواز اسمه الموسيقى.
لم يكن يدري أن هذا المرض الذي أخرجه من صفوف الدراسة هو نفس المرض الذي سيدفعه لدخول صفوف الخلود الفني، كان والده الشيخ محمد السنباطي منشدًا ومقرئًا واصطحبه إلى حلقات الذكر والمولد وهناك تربت أذنه على السماع وتشكلت أصوله الروحية كملحن.
كان الصوت يسبقه حتى سمعه سيد درويش
حين بدأ يعزف ويغني في فرق محلية صغيرة كان كل من يسمعه يشعر أن هذا الفتى مش عادي، وفي يوم مفصلي سمعه سيد درويش بنفسه وقال لوالده هات ابنك خليني آخده معايا إسكندرية وأعلمه، لكن والده رغم دهشته من العرض رفض، لم يكن يدرك أن سيد درويش رأى في ولده ما لم يره أحد غيره.
ورغم أن الفرصة ضاعت إلا أن شرارة الرؤية كانت قد اشتعلت في داخله وأدرك السنباطي أن لا أحد سيفتح له الطريق إن لم يشقه بنفسه.
القاهرة الحلم يتحول إلى واقع بشكل لم يتوقعه أحد
حين قرر الانتقال إلى القاهرة لم يكن يملك شيئًا إلا حلمه وعوده وصبره، تقدم إلى معهد الموسيقى كأي شاب يريد أن يتعلم لكن عزفه وغناؤه جعلا اللجنة تعيد حساباتها، لم يكن هناك خلاف داخل اللجنة فقط ذهول، قال أحدهم ده إحنا لو علمناه هو اللي هيعلمنا، ليتم تعيينه أستاذا في نفس المعهد الذي جاء ليكون طالبا فيه.
التلحين من الترتيل إلى الخلود
كانت بدايته مع التلحين عبر شركة "أوديون" في مجموعة أغان دينية لكن ما إن التقطت أم كلثوم نغمة صوته حتى بدأ فصل جديد في حياته.
أول تعاون بينه وبين كوكب الشرق كان في أغنية "على بلد المحبوب" في فيلم "وداد" وكانت هذه أول طلقة في معركة المجد.
السنباطي لم يكن مجرد ملحن، بل كان شاعرا صامتا يترجم القصيدة إلى نغمة والمفردة إلى حالة وجدانية، لحن لأم كلثوم أكثر من تسعين أغنية من بينها: "الأطلال"، و"سلوا قلبي"، و"نهج البردة"، و"رباعيات الخيام"، و"مصر تتحدث عن نفسها"، والأجمل أنه لم يكرر نفسه في أي منها.
السنباطي كما لم نعرفه ... أسراره الصغيرة
كان السنباطي لا يلحن أي نص إلا إذا فهم كل بيت فيه، وكان يقول أنا ما بشتغلش إلا لما أحس إن القصيدة سكنتني، كان يعمل في توقيت محدد عند الغروب، وكان يقول الغروب هو وقت الكلام بيني وبين اللحن.
في إحدى المرات طلب من أم كلثوم ألف جنيه مقدمًا فقط ليشتري سيارة جديدة فوافقت دون نقاش لأنها تعرف أن رياض مش زي حد.
نهاية دون انتهاء
توفي رياض السنباطي في العاشر من سبتمبر سنة 1981، لكنه لم يرحل، كل مرة تسمع فيها "الأطلال" تشعر أنه حاضر، كل مرة تسمع فيها عزفًا شرقيًا متقنًا تدرك أنه هو من رسم قواعد اللعبة.
هو الشخص الذي جاء ليجلس في الصفوف فطلبوا منه أن يعتلي المنصة، هو الذي خرج من التعليم بسبب مرض ثم عاد ليدرس الجمال نفسه، هو ببساطة الاستثناء الذي لا يتكرر.
اقرأ أيضا:
محمد فراج يرقص ويطير في أحدث جلسة تصوير
سينتيا خليفة تستعرض أناقتها في أحدث جلسة تصوير من لبنان
هيفاء وهبي في جلسة تصوير مختلفة تبدو رياضية لأول نظرة
نسرين طافش بإطلالة أنيقة خلال أداء العمرة
لا يفوتك: ليه كلنا بنحب عبلة كامل؟
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5