* د.أحمد مجدي ناقد وعضو هيئة تدريس بقسم الدراما والنقد المسرحي بكلية الآداب جامعة عين شمس
في صدمة كبيرة لعشاق فيلم التحريك الأشهر في عالم ديزني سنو وايت والأقزام السبعة، طرحت شركة ديزني في مارس الماضي فيلم سنو وايت، وهو إعادة إنتاج لفيلم الرسوم المتحركة "سنو وايت والأقزام السبعة" من إنتاج والت ديزني عام 1937، والمستوحى بدوره من قصة "سنو وايت" الخيالية للأخوين جريم التي صدرت عام 1812.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
الفيلم من بطولة رايتشل زيجلر التي تلعب دور سنو وايت، وهي أميرة تنجو من محاولة اغتيال على يد زوجة أبيها، الملكة الشريرة (تلعب دورها غال غادوت)، وتنضم إلى كائنات سحرية، عبارة عن سبعة أقزام يعيشون في منزل بعيد في الغابة، ينقبون عن الألماس والمعادن النفيسة، وينضم للمجموعة قاطع طريق ثائر على الملكة الشريرة، يُدعى جوناثان (أندرو بيرناب) تنشأ بينه وبين سنو وايت قصة حب، قبل أن يعتزموا جميعًا استعادة مملكة سنو وايت من الملكة الشريرة التي قامت بقتل الملك (والد سنو وايت) من قبل بعد أن تزوجت منه.
نتحدث هنا عن صدمة إصدار الفيلم، بسبب أن شخصية سنو وايت من أهم وأنجح شخصيات ديزني على الإطلاق، وكان من المتوقع أن تشهد التجربة نجاحًا كبيرًا خاصة أنه أول فيلم حي مستوحى من الأصل الكرتوني، لكن مع الأسف الشديد فإن هالة سنو وايت السحرية قد خبوت وتهاوت في صالات العرض، وهو ما انعكس على تقييم الفيلم في معظم المواقع الشهيرة مثل IMDB على سبيل المثال، حيث لم يحصل سوى على رقم 1.7 من 10 وهو رقم متدني جدًا يعكس عدم إقبال الجمهور على الفيلم، بالإضافة أنه لم يحقق في شباك التذاكر أرقام تقترب حتى من تكلفة إنتاجه الضخمة التي تعدت 250 مليون دولار.
الفيلم قد واجه أزمات كبيرة منذ الإعلان عن فريق العمل، حيث أن جال جادوت الممثلة الإسرائيلية الأصل التي تلعب دور الملكة الشريرة قد أبدت انحيازها الواضح للجانب الإسرائيلي في حرب غزة في أكثر من مناسبة، مما جعل عدد كبير من الجمهور منزعجين من اختيارها لبطولة الفيلم، وعلى جانب آخر اختيار الممثلة رايتشيل زيجلر الكولومبية الأصل، تسبب في موجة عارمة من الانتقادات العنصرية بسبب أصولها، وعدم ملائمتها لدور سنو وايت كيفما يرى البعض، حيث من المفترض أن يعبر اسمها عن جمال لافت براق كبياض الثلج يصف ويجسد لون بشرة الشخصية في قصة جريم الخيالية الأصلية، وقد تم التخلي عن هذه السمة المميزة للشخصية في أحداث الفيلم واستبدلها صناع العمل بمبرر آخر من داخل الأحداث وهو؛ أن سبب تسمية سنو وايت بهذا الاسم قد يرجع إلى أن يوم ولادتها شهد هطول أمطار محملة بالثلوج، كحيلة درامية للتغطية على فكرة عدم تشابه الممثلة مع التصور الأيقوني للفتاة "ناصعة البياض".
وقد تحدثت الممثلة رايتشر زيجلر في لقاء صحفي عن المضايقات التي تعرضت لها بسبب اختيارها للدور، لدرجة أن بعض الجمهور كان ينعتها ببعض الألفاظ النابية في مسكنها، وذلك يذكرنا بما حدث للممثلة هالي بيلي التي لعبت دور حورية البحر في فيلم The Little Mermaid وقد لاحقتها نفس الانتقادات بسبب لون بشرتها السمراء، ليفجر الفيلمين قضية كبيرة تتعدى الفن، وتكشف العنصرية ضد أصحاب البشرة الملونة، أو الأجناس الأخرى بشكل عام، كما يطرح العملين سؤالًا إشكاليًا مهمًا: هل من حق صناع العمل تقديم وجهة نظرهم الشخصية في العمل، وخاصة في مسألة تناول الشخصيات الأيقونية أم لابد من الاحتفاظ بالتصور الكلاسيكي الذي يعرفه الجمهور؟ بالطبع قد تنقسم الآراء إلى مؤيد ومعارض، وسوف يثير الموضوع الكثير من اللغط والتفسيرات وخاصة أن بعض الشخصيات التي يتم اختيارها لـ لعب الأدوار، قد لا ينبع من موهبتها، وإنما تحقيقًا لأجندات معينة لدى شركات الإنتاج نفسها. وهنا نستطيع القول إن صناعة السينما لم تعد متوقفة فقط على الأداء وجودة العمل، وإنما توجهات فريق العمل وأصولهم العرقية قد تساهم في الإقبال على العمل أو الإعراض عنه.
على جانب آخر إذا اعتبر الجمهور أن شخصية سنو وايت من الشخصيات غير قابلة للمساس ويجب أن تقدم كما هي في الرواية والفيلم الأصلي، فإن المشكلة الحقيقية من وجهة نظري لم تكمن في هذه النقطة فقط، حيث بدا أن صناع العمل أنفسهم يعيشون حالة من التخبط بين محاولة الخروج من عباءة سنو وايت بشكلها المعروف تارة، وبين الابقاء على التفاصيل الأخرى التي علقت في ذهن الجمهور تارة أخرى. فعلى سبيل المثال قرر صناع العمل الاحتفاظ في الفيلم بملابس سنو وايت المميزة؛ بفستانها الأزرق والأصفر، وفي نفس الوقت قاموا بتغيير جذري في اختيار ملامح الممثلة التي تلعب الدور، فعاش الجمهور في حالة تخبط ناتجة عن كسر أفق توقعاتهم وهدم الصورة الذهنية الموجودة في خيالهم عن شكل سنو وايت، وفي نفس الوقت أصابتهم الحيرة لوجود إشارات أخرى تتوافق مع الشكل الأيقوني للشخصية مثل لون الملابس، فأصبح الجمهور في منطقة وسط بين نقيضين؛ إما التماهي مع الشخصية من جهة ومحاولة تقبل رؤية تقديمها المغايرة، أو التباعد عنها من جهة أخرى، وهو على الأرجح السيناريو الأقرب الذي حدث، وذلك يطرح سؤالًا: لماذا لم يقم صناع العمل بتغيير ثوري للشخصية بشكل كلي إذا ما أرادوا التغيير من البداية، لماذا يضعوا الجمهور في حالة حيرة بين الأصل والتناول الجديد؟
ويبدو أيضًا أن الآداء التمثيلي لرايتشل زيجلر في دور سنو وايت لم يشفع لها رغم أنه كان مقبولًا بالنسبة لباقي الشخصيات، فقد حاولت تقديم الشخصية بشكل محترف وفقًا لبعض السمات والمحاور المعروفة عن الشخصية الأصلية، لتظهر بابتسامة وملامح بريئة دومًا، تعبر عن الصدق والنقاء النابع من روحها الهادئة، لتثبت ضمنيًا أن جمال الإنسان ينبع من الداخل قبل الخارج، وهو السبب الذي جعلها تشتبك في صراع مع الملكة الشريرة بسبب رغبة الأخيرة في أن تكون المرأة الأجمل في العالم. ولكن بعد نضوج سنو وايت، قد واجهت المرآة السحرية الملكة الشريرة بحقيقة الأمر أن هناك من هو أجمل منها، وبالتالي أصبح الصراع هنا بين الجمال الزائف والمصطنع للملكة الشريرة، التي هي في حقيقة الأمر امرأة طاعنة في السن، وتستخدم سحرها وبعض المواد الأخرى لتظهر في صورة الجميلة، وبين جمال سنو وايت الروحي والداخلي، وهو ما لعبت عليه زيجلر، ليحاول صناع العمل كسر الصورة النمطية عن شخصية سنو بأن جمالها الخارجي الأخاذ ولون بشرتها ناصع البياض لم يكن هو سبب محاولات قتلها، وإنما توجد أسباب أخرى مثل نبلها وحب من حولها لها.
تكمن أبرز الاختلافات بين الفيلم الأصلي وفيلم سنو وايت أن صناع الفيلم حاولوا أن يمزجوا بشكل غير مباشر بين قصة سنو وايت وقصة بيتر بان السارق الذي يصارع الأغنياء لحساب الفقراء، حيث يتحول دور الأمير في قصة سنو وايت الأصلية إلى سارق مارق عن القانون يحاول سرقة بعضًا من محصول البطاطس من خزائن الملكة حتى يقوم بإطعام أصدقائه في الغابة، وهم مجموعة ثائرة على حكم الملكة تحاول استرداد حقوقها بالقوة، ليأخذ الفيلم خط درامي فرعي بطله السارق المدافع عن الفقراء، مما يزيد الغموض حول هدف الفيلم، هل هو التركيز على استلهام قصة خيالية فنتازية لسنو وايت أم استعراض نزاعات اجتماعية بين الطبقة المهمشة في الغابة وبين الملكة المستأثرة بالحكم والخيرات لنفسها؟ هذا ما أدى بالضرورة إلى تقليص العناصر الفنتازية على حساب العناصر الأخرى الواقعية. فلم يستغل المخرج وجود الأقزام وفضاء الغابة الخيالي بشكل أكبر حتى يخرج الفيلم بشكل فانتازي مسلي ممتع، بحسب التصنيف والشكل المتوقع له ولنوعية هذه الأفلام، ولكن الفيلم أخذ منحى آخر بوجود صراع بين الملكة والمجموعة المارقة عن القانون التي يقودها اللص حبيب سنو وايت.
وحتى التقنيات الضعيفة المستخدمة لم تقدم أي جديد على المستوى التشكيلي والبصري في الفيلم، حيث ظهر الأقزام في صورة كارتونية باهتة يظهر فيها الفرق الكبير بينهم وبين الممثلين البشريين، ليرى الجمهور كادرات متخبطة بين العنصر البشري والعنصر الافتراضي دون مزج وتناغم بصري مُقنع، فتزيد الفجوة بين الجمهور والعمل حتى على المستوى الجمالي والبصري حيث كان من المتوقع أن يتم التركيز على ذلك الجزء الغرائبي والخيالي في علاقة سنو وايت بالأقزام مثل القصة الأصلية التي كانت من أهم مصادر قوتها.
في النهاية نستطيع القول إن فيلم سنو وايت وقع في فخ التفاحة المسمومة التي تذوقتها سنو وايت في القصة الأصلية، ولحسن الحظ وجدت سنو وايت الأمير المغوار الذي يقبلها فتعود إلى الحياة، ولكن يبدو هنا في الفيلم أن ديزني قد تناولت التفاحة دون أن تتمكن من العودة إلى الحياة، على الأقل أمام شريحة كبيرة من الجمهور الذي أصابه خيبة الأمل بعد مشاهدة الفيلم، وعدم خروجه بالشكل المتوقع.
اقرأ أيضا:
محمد رمضان يعلن خوضه موسم دراما رمضان 2026 ... ماذا طلب من جمهوره؟
فيديو – ياسمين صبري تكشف سر قطعة مجوهرات لفتت الأنظار بها في مهرجان "كان" ... ماذا قالت؟
شاكيرا تسقط على المسرح أثناء غنائها ... داعبت الجمهور واستكملت الغناء - فيديو
ليلى علوي تستعيد أبرز لحظات رحلتها في سيناء ... ماذا قالت عن شجرة موسى؟
لا يفوتك: في الفن يكشف حقيقة وليد فواز مبدع أدوار الشر
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5