انطلقت مسابقة مهرجان كان السينمائي الدولي الثامن والسبعين، بعرض أول فيلمين من أصل 22 فيلمًا تتنافس على السعفة الذهبية، أرفع الجوائز السينمائية السنوية قيمة. اليوم الثاني للمهرجان، الأول بعد يوم الافتتاح، شهد عرض أول فيلمين في المسابقة، واللذين تباينا في خلفية صناعهما، وفي النتيجة الإجمالية لأهداف كل فيلم منهما.
اليوم بدأ بعرض الفيلم الألماني "صوت السقوط Sound of Falling"، ثاني الأفلام الروائية للمخرجة ماشا شيلينسكي، واختتم بعرض "مدعيان عامان Two Prosecutors" للمخرج الأوكراني سيرجي لوزنيتسا، الذي يشارك في المهرجان للمرة الثامنة، والذي صنع خلال آخر سبع سنوات فقط منذ آخر أفلامه الروائية سبع أفلام وثائقية طويلة وثلاثة قصيرة قبل أن يعود لصناعة فيلم روائي جديد.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
التباين بين المسيرة الطويلة للوزنيتسا والمحدودة لشيلينسكي يكشف عن قيمة التنوع في مسابقة كان هذا العام، والتي بدأت أخيرًا في التحرر من سيطرة الأسماء الكبيرة كليًا عليها، ويطرح أيضًا أسئلة مهمة حول قيمة الانحياز للإسهام الفني في مقابل الحماس للموضوع الذي يطرحه الفيلم.
صوت السقوط.. الطموح ضد الجاذبية
المخرجة ماشا شيلينسكي هي أقل أسماء مخرجي كان شهرة، حتى بين المخرجين الشباب المشاركين، فهي لم تشارك في كان من قبل، وفيلمها الطويل الوحيد السابق عُرض في قسم فرعي من مهرجان برلين ولم يحقق نحاج يُذكر.الأمر الذي يجعلنا ندرك قدر إعجاب إدارة كان بفيلمها الجديد لدرجة اختياره للمسابقة الدولية. وكان من الطبيعي أن يكون أول أفلام المسابقة، فهو المكان الذي يمنحه المهرجان عادة للفيلم الذي يقدمه باعتباره اكتشافًا لموهبة جديدة، وهو ما حدث من قبل مع المصري أبو بكر شوقي عندما عُرض فيلمه "يوم الدين" في نفس المكان عام 2018.
يمتلك "صوت السقوط" طموحًا شاهقًا، حيث ترغب صانعه في الربط العاطفي بين أربع سيدات، تعشن في نفس المزرعة الألمانية، لكن تفصلهن عقود من الزمن. بين العقد الثاني من القرن العشرين، وأربعينياته، والثمانينات ما قبل انهيار سور برلين، والزمن المعاصر. تعيش أربعة أسرة في نفس المزرعة، الثلاثة الأقدم منها نفهم كونهم أجيال تنتمي بشكل ما لنفس الأسرة، بينما تبدو الأسرة المعاصرة تعيش بالصدفة في المكان نفسه.
رغم التباعد الزمن واختلاف ظروف الواقع، تسيطر على البطلات في كل خط زمني هواجس متقاربة، عن الحياة والرغبة والأسرة، وعن الموت والانتحار تحديدًا، ومنهما جاءت المخرجة بعنوان الفيلم الذي يتضمن في لحظات مختلفة قرارًا لشخصية بإلقاء نفسها من علٍ. يتجسد هنا طموح المخرجة في خلق عمل يجمع بين أمور عديدة، فقد يمكن اعتباره فيلم دراما عابر للأجيال، يكشف عن اختلاف الحياة في نفس المكان بمرور الزمن، لكنه أيضًا فيلم نسوي باكتشافنا أن هواجس المرأة تظل ذاتها رغم كل المتغيرات. وفي مستو آخر يمكن اعتباره فيلم رعب، إذا ما اعتبرنا ما يحدث في المزرعة امتدادًا لروح قاسية تسكنها وتسيطر على المراهقات اللاتي تعشن فيها.
طموح المخرجة الكبير، مع الخصوصية البصرية للفيلم الذي يقدم متعة حقيقية للعين، يتصادم مع صعوبة متابعة الخطوط الدرامية التي تنتقل فيها المخرجة دون تمهيد، متقافزة بين الأزمان الأربعة بحرية تُصعب المشاهدة وتقلل من جاذبية العمل، حتى لو أدركنا أهميته. بما يجعل "صوت السقوط" فيلمًا مهمًا واكتشافًا لموهبة واعدة، لكنه يجعله أيضًا فيلمًا صعب المتابعة، يحتاج بذل جهد كبير من أجل الاستمتاع بفصوله الأخيرة الرائعة.
مدعيان عامان.. سؤال حول الاستمرار
وبينما يقدم الفيلم الألماني صوتًا جديدًا يبدو فيلم سيرجي لوزنيتسا خاليًا من أي جديد، باستثناء استمرار المخرج الأوكراني الأشهر في إعادة زيارة موضوعه المفضل: فساد الدولة الروسية في كل مراحلها المعاصرة والتاريخية. الحكاية هذه المرة تدور في الاتحاد السوفيتي، وتحديدًا خلال الثلاثينات التي وصفتها تتابعات البداية بأنها قمة القهر الستاليني.
البطل مدعي عام شاب، يصله بطريقة ما رسالة استغاثة من سجين سياسي، فيقرر أن يستجيب ويذهب لزيارة السجين الذي نعلم لاحقًا إنه كان مناضلًا شيوعيًا عرفه المدعي خلال دراسة القانون واستمع إليه، ليصمم البطل على مقابلة السجين رغم محاولات سلطة السجن منعه، ثم يقرر أن يحمل شكواه إلى المدعي العام السوفيتي بنفسه، وبالرغم من استحالة مقابلة رجل مثله لقمة النظام القانوني يتمكن مستعينًا ببراءته وإصراره أن يفعلها، لتشكل المقابلة بين "المدعيين العامين" النقطة المركزية لاستنارة البطل، وإن كانت لم تضف كثيرًا لاستنارتنا كمشاهدين. سبب الإضافة المحدودة هو خلو الفيلم الكامل من أي مفاجأة على مستوى الشخصيات. لوزنيتسا لا يريد مفاجئتنا بأي شيء أكبر من وجود شاب شريف داخل امبراطورية كاملة من الظلم والقهر والديكتاتورية.
يسير الفيلم دراميًا وفق التوقعات التي يمكن تكوينها في البداية، معوّضًا عنصر المفاجأة بالبحث عن معادل بصري لإمكانية كون البيروقراطية أداة للقهر. ولعل أفضل ما في الفيلم هي لحظات الانتظار الطويلة، والممرات الضخمة التي يسير فيها البطل سواء داخل السجن أو لدى المدعي العام، ذلك الشعور الذي طالما رسخه المعمار السوفيتي بضآلة الفرد الواحد، فمهما كان البطل بطلًا يبدو هامشيًا بلا قيمة أمام النظام الهائل، والآليات البيروقراطية التي تقتل كل شيء ببطء، فيصير الدفاع عن مظلوم عملية أقرب للاستحالة يمكن قضاء عمر كامل دون إنجازها.
لولا الاسم الكبير الذي يحمله المخرج، ولولا استمرار رغبة المهرجان في دعم أوكرانيا، ربما كان "مدعيان عامان" ليُعرض خارج المسابقة. لكنها حسابات السينما والسياسة الحاضرة في كان رغم كل محاولات إدارة المهرجان لنفيها. لعل باقي أفلام المسابقة العشرين تحمل قدرًا أقل من السياسة وقدرًا أكبر من الإبداع.
اقرأ أيضا:
#شرطة_الموضة: يسرا بفستان لامع في مهرجان كان سعره 383 ألف جنيه... بطنته بالكامل وأغلقت فتحة الصدر
نيو لوك لأحمد العوضي ... استغنى عن الشارب
#شرطة_الموضة: رزان جمال بفستان أبيض مميز في كان ... بطنته بالكامل
نسرين طافش بفستان صيفي باللون التركواز في مهرجان كان
لا يفوتك: في الفن يكشف حقيقة وليد فواز مبدع أدوار الشر
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5