رجائي ألا يؤخذ كلامي على محمل الشماتة في أحد، وبعيدًا عن الحساسيات الدينية والمزايدات المذهبية والنعرات الطائفية. حقًا، اسم "محمد" يبدو مستفزًا للغاية لمسلسل تلفزيوني يُعرض أيضًا في رمضان، وفي قالب كوميدي عصري يتناول العلاقات الزوجية والأسرية والاجتماعية باستظراف شديد، محاولًا تلامس مفارقات الاستخفاف أحيانًا ببعض من المتاجرة الظاهرية بالقيم الإنسانية في شخصيات درامية مختلفة، يُبتز بها مشاعر الجماهير بنقيض تصرفاتها.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
ليس من مجرد تشابه الأسماء فقط، ولكن لمن يُفترض أن يجسده الاسم على صاحبه. وبالطبع، يحمل اسم "محمد" في عنوان المسلسل العديد من الأسباب للمشاهدة، مثل التشويق لمعرفة السر وراء الاسم في العنوان أولًا، ثم التسويق لمتابعة مضمون الحلقات ثانيًا، ثم التسويف لمشاهدة حلقاته الـ15 في النصف الأخير من رمضان بكل سهولة ويسر، طمعًا في الإمتاع ثالثًا وأخيرًا.
لذا، أرجأت مشاهدة المسلسل لما بعد رمضان حتى أتحقق من الأمر مليًا. وقد كان سوء ظني يسبقني قبل المشاهدة بدرجة لا أخفيها، وذلك خوفًا من اللعب على وتر استغلال الأسماء ذات الدلالات الدينية قديمًا في الإبداع العربي، وخصوصًا في السينما المصرية، بدءًا من "حسن ومرقص وكوهين" عام 1954، وقبله فيلم "فاطمة وماريا وراشيل" عام 1949، ثم انتهاءً بفيلم "حسن ومرقص" عام 2008. وهناك مشروع للأسف لم يتم حتى الآن بعنوان "أحمد وداود" للمخرج والمنتج السعودي محمد قزاز، لحساسية الاسم وما وراءه من معاني ودلالات.
وبالمناسبة، هناك أغنية فرح شهيرة للمطربة صباح تذكر فيها أسماء أربعة عرسان من أشهر الطوائف اللبنانية في عام 1964 بعنوان "مرحبتين مرحبتين وينن هالدبيكي وين". وقد ظهرت في أفلامها مع فهد بلان في 1970. وذكرت الأغنية أسماء كافة الطوائف اللبنانية الشهيرة، مثل محمود ومعروف وإلياس وحسين في مراسم العرس والفرح.
لم يكتفِ المسلسل بتميز اسمه الغريب، وتحديدًا باختيار اسم "محمد"، بل أيضًا بتحديد أن نصف الشعب اسمه "محمد" دون تحديد أي شعب، ولكن من المؤكد أنه أي شعب مسلم أو عربي، وبالتأكيد أكبر شعب عربي مسلم، ربما بعد إندونيسيا، هو الشعب المصري. وأكيد لو كلف المؤلف مشقة البحث على الإنترنت عن انتشار الاسم، لوجد أن أكثر من 133 مليون شخص حول العالم يحملون اسم محمد، وفقًا لإحصائيات عام 2023، ويليه اسم أحمد بعدد 15 مليون شخص، ثم اسم علي بحوالي 14 مليون شخص.
ولعل المؤلف والمخرج والمنتج يقصدون كل من يدعي محمد في أي شعب من شعوب العالم، وليس فقط في مصر أو العالم العربي أو الإسلامي. وبعيدًا عن قدسية الاسم بالطبع، في العالم أجمع، ولعل صناع العمل يفترضون أن يلتزم من يحمل هذا الاسم بعدم القيام بأفعال أو تصرفات سلبية أو سيئة، ولكنهم في النهاية بشر يخطئون ويصيبون.
من أشهر أقوال الإمام محمد عبده يرحمه الله بعد عودته من زيارة أوروبا عام 1881: "رأيت في أوروبا إسلامًا بلا مسلمين، وأرى في بلادي مسلمين بلا إسلام". وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة التفريق بين الديانة والاسم، الذي قد ينطبق أو لا ينطبق، أو يأتي مغيرًا عما تقضيه هذه الديانة، وهذا ينطبق على الإسلام والمسلمين.
كما أن ما شاهدناه في المسلسل هو نموذج سيئ لتصرفات وسلوكيات أي رجل بصفة عامة، سواء من يحمل هذا الاسم أو لا. وربما مع تعدد تشابه الأسماء، تزداد المفارقات، وإن كانت الأفعال السيئة يفترض عدم فعلها مهما كان الاسم. فلا علاقة بالمسمي المنتسب بأفعال الشخص، مع تناقض المعاملة بحجة التواري خلف قدسية الاسم أحيانًا، رغم التناقض الرهيب بين الاسم والفعل.
ما بالنا إذا كان الاسم عنوانًا للشخصية لدى معظم الناس على مستوى الأفراد والمؤسسات، وربما الدول أيضًا. ولكل من اسمه نصيب كما قالت العرب. ولعل يحيى الفخراني عندما أراد في أحد مسلسلاته، وفي رمضان، أن يحمل اسم المسلسل "شرف فتح الباب" من تأليف محمد جلال عبد القوي في عام 2008، تعرض للتناقض بين المظهر والمخبر. حيث يدور المسلسل حول استغلال موظف شديد التقوى ظاهريًا أمام الناس لوساوس إبليس لقبول رشوة 2 مليون جنيه بدلاً من مكافأة نهاية الخدمة الحلال على عكس المفترض.
وضجت وسائل الإعلام آنذاك بالآراء حول محاولة تشويه سمعة المتأسلمين حديثًا في شخصية الرجل التقي الورع الصالح ذو اللحية وعلامة الصلاة، واسمه "شرف فتح الباب". ومن الواضح أن الفكرة تمس التناقض الكبير بين الكثيرين من أصحاب التوجه الإسلامي وغير الإسلامي المزيف وغير الحقيقي بعيدًا عن العبادات والمظاهر الخادعة.
وقد كانت الحساسية زائدة في تلك الأيام في مواجهة التزييف الديني للدين الصحيح، ليس على اعتبار أن الدين المعاملة، ولكن لمجرد الدفاع عن القشور المزيفة أحيانًا والعبادات الظاهرية التي لا تحسن من أخلاق وأفعال وسلوكيات فاعليها. وهو ما تعاني منه أغلب دول العالم، ومنها الدول الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء، من تناقضات فجة بين تصرفات الأفراد المدعين باسم الدين.
وبعد تخطي قضية الاسم، نصل إلى قضية نفسية إنسانية أخرى مرتبطة بالشخصية المزدوجة، أو بالأحرى الشخصية المتناقضة الخصائص والمضطربة بين قطبي الإيجابية والسلبية بشكل ظاهري أو خفي، يعرفه الشخص أو من حوله، أو لا يعرفه الشخص ذاته أو حتى من حوله، من تجاوز مراحل الكذب إلى ما هو أسوأ.
والكذب عمومًا، سواء على النفس أولًا أو على الآخرين، ارتبط في أذهان العالم بالأول من شهر أبريل من كل عام، "كذبة أبريل". كما سجلتها السينما العربية في فيلم بنفس العنوان لإسماعيل ياسين عام 1950. وقد تجسد الكذب في الإبداع العربي الفني، بدءًا من أعمال نجيب الريحاني وبديع خيري في "مسرحية الرجالة متعرفش تكدب" عام 1934، إلا أنها تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي بعنوان "الستات ما تعرفش تكدب" عام 1954، ثم إلى مسرحية لفرقة الريحاني في عام 1961، وأخيرًا إلى برنامج تلفزيوني حديثًا عام 2024 بنفس العنوان.
وقد تم ترسيخ فكرة الكذب عدة مرات، ولكن ارتبط إبداعًا وفنيًا وعربيًا بالمرأة أكثر من الرجل. ولعل القصيدة الشهيرة "لا تكذبي" لكامل الشناوي تُعد أقوى رسالة موجهة من الرجل إلى المرأة في اتهامها بالكذب. ورغم أن الكذب ظل يراوح الرجل أيضًا بكل تأكيد، إلا أنه يكذب مثلما حدث في فيلم "الكذابين الثلاثة" عام 1970.
وبالعودة لمسلسل "نصف الشعب اسمه محمد"، فإن المسلسل يعيد الكرة في ملعب الرحب فيما يتعلق بالكذب. خصوصًا أن الرجل في المسلسل هو المحور الرئيس والمصدر الباعث للكذب، وليس فقط المرأة. وقد أبرز المسلسل أن كذب الرجل أو الزوج هو المحرك الرئيس للأحداث والمواقف في إطار كوميديا الموقف الحرجة، سواء بالنسبة لبطل المسلسل النجم الصاعد بسرعة البرق الشاب عصام عمر، والمؤلف والكاتب للسيناريو والأحداث محمد رجائي، والمخرج المميز عبد العزيز النجار، وكلهم بالطبع من الرجال.
ورغم التألق المتميز أيضًا لكافة العناصر النسائية المشاركة في المسلسل، خصوصًا في أول 8 حلقات من 15 حلقة، فإنها كانت الأقوى في المفارقات. لكن الإصلاح في 7 حلقات جاءت أخف وطأة وأكثر بطئًا وأقل حبكة، وكأنها حرب انتقام، وكأنها بمثابة انقلاب السحر أو الكذب على الساحر أو الكاذب.
كان المسلسل خفيفًا ولذيذًا، وكان يكفيه 10 حلقات لا أكثر. ورغم روعة أداء بطل المسلسل عصام عمر، إلا أن طبيعة الدور تحتاج إلى شخصية الدونجوان أو زير النساء، وهذا لا يتناسب مع شكل ومظهر البطل. إلا أن قدراته التمثيلية والأدائية قد ساهمت إلى حد كبير في التغلب على ذلك.
وقد أجاد الجميع دون استثناء، خصوصًا الأمهات شيرين ورانيا يوسف والفت أمام، لولا الشعر المستعار لأغلبهن. وكذلك أجاد الآباء محمد عبد العظيم ومحمد محمود. وقد كان أسوأ اختيارات وأداءات المسلسل من حظ غادة إبراهيم المتوحشة، بداعي وبدون داعٍ، وعلى النقيض منها توحش دينا سامي في دور العشيقة المتحررة وخرابة البيوت والصداقات. إلا أن هذا الدور تحديدًا لا يناسبها كحال عصام عمر في دور الدونجوان، إلا أن اجتهاد كل منهما في الأداء قد غطى على سوء الاختيار.
وربما أرادا النجاح في تقديم أداء غير مرتبط بالصورة النمطية الظاهرية لكل منهما، من طيبة وهدوء، إلا أنهما بمثابة براكين متفجرة في الأداء تحت وجوه ملؤها الطيبة البريئة في أكثر الأحيان. خفت أنوار وبهجة وثراء المسلسل في الحبكة والإخراج والإنتاج في الحلقات الأخيرة من المسلسل. وليتهم اكتفوا فقط بـ10 حلقات، لكان المسلسل أقوى وأمتع وأميز، إلا أنه جاء بـ15 حلقة لدواعي الرواج الدرامي في رمضان، وقد كان.
ويبقى حبل الكذب قصيرًا، كثير عليه 15 حلقة، لولا تشابه الأسماء وزيف حامليها وتواري البعض باسم الدين، فيما ليس له علاقة بالدين أساسًا. ولا حول ولاقوة إلا بالله. والإبداع الفني يكشف الكثير من الأمور وليس بالضرورة يقدم الحلول واذا قدمها ليس بالضرورة تناسب كل الشعب او كل محمد او كل زوج او اسرة ولكن الاكيد الوقت الممتع في المشاهدة وتقديم فكرة جديدة خارج الصندوق التليفزيوني المعتاد في رمضان وغير رمضان
اقرأ أيضا:
فيديو - كريم فهمي: أنا وياسمين عبد العزيز نعاني من ADHD ... فرط الحركة عندها رهيب أكتر مني بمراحل
#شرطة_الموضة: روبي بفستان قصير لامع في أحدث جلسة تصوير … سعره 49 ألف جنيه
إلهام شاهين تحتفل بشم النسيم برفقة النجوم ... سلاف فواخرجي وفيفي عبده ولبلبة ونبيلة عبيد من بينهم
نسرين طافش ونرمين الفقي ونادية الجندي من بينهم … احتفالات النجوم بشم النسيم
لا يفوتك: في الفن يكشف حقيقة وليد فواز مبدع أدوار الشر
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5